الشيخ "فضل شاكر" .. لماذا تحوّل إلى قاتل ؟

الشيخ  "فضل شاكر" .. لماذا تحوّل إلى قاتل ؟

ذات يوم حدّثني صديق لي بنظرية اتخذتها دليلاً في أوقات معينة ثم ما لبثت أن اندثرت من ذاكرتي , ليس لفشلها بل لكثرة النماذج التي ظهرت وتنطبق عليها النظرية تماماً حتى باتت تلك النظرية .. قانون حياة .

نظرية صديقي تتمحوّر بشكل بسيط أن النظام الحاكم لو تشدّد عند انهياره أو انتهائه ستكون ردة الفعل عكسية تماماً .. والعكس صحيح . وضرب لي صديقي مثالاً عن الاتحاد السوفييتي "حيث كان يدرس هناك" فكان الاتحاد السوفييتي يحكم بمنطق "الحديد والنار" ويُلزم كل أطياف الشعب بتطبيق واعتناق معتقداته رغماً عن قناعاتهم الذاتية وكان الكرملن في روسيا بمثابة المُلهم أو المُفتي أو إن شئت سمّها المرشد , يُكمل صديقي أنه يوم أن تأكّد الجميع من انهيار الاتحاد السوفييتي تطرّف الجميع بمعتقداتهم , فكثرت الكنائس وتحوّل الناس من الإلحاد إلى التطرف في الإيمان , فأصبح يوم الأحد مُقدسّاً ومنهم من داوم على الصلاة في غير موعدها المُحدد كزيادة تقرب وتديّن "مسيحياً" .. وفي إيران مثالاً آخر ففي زمن "الشاه" كان الانفتاح جنونياً والتديّن نادراً فجاء الخميني لينقلب بأول ثورة إسلامية شهدها التاريخ المعاصر , وفي تونس مثالاً آخر .. وتكثُر النماذج الحيّة والملموسة ..

التطرف في الشيوعية يبلغ أقصاه في الماوية وهي بالمناسبة أشد تطرفاً من الإسلاميين أو المسيحيين , وفي المسيحية أيضاً يبلغ التطرف أقصى حدوده ليس ضد الإسلام وحسب بل ضد اليهودية أيضاً .. وفي الإسلام هناك متطرفين في كل طائفة فنجد متطرفين سنّة أو شيعة وهم يعتمدون على تفسيرات معينة وكذلك تجد متطرفين في كل المعتقدات .. والتطرّف ليس بالشيء الجديد وهو قائم منذ نشأة الإنسان .. لكنه يختلف وفقا للظروف والحاجات والعوامل النفسية والانسانية .

بالعادة يبلغ التطرف أقصاه في حالة وجود دوافع نفسية ومعتقدات دينية وعقائدية وأحياناً بتأثيرات خارجية غريبة .. 

الفنان السابق فضل شاكر وصل في تطرفه لأقصى المراحل ,  فمن مغني منفتح لأقصى الدرجات , إلى شيخ مقاتل متطرف لأقصى المراحل .. "شاكر" أعلن قبل يومين تهديداته بقتل عناصر من حزب الله وقتل اليوم جنديين من الجيش اللبناني , هو يقاتل بعد اقتناعه من شيخه "أحمد الأسير" وهو شيخ علامة من أعلام السنة في لبنان "لكنه متطرف" , أصابتني حالة فضل شاكر بحالة من الحيرة والذهول الشديدين .. فتتبعت قصة حياته التي تتلخص بالتالي :

** فضل شاكر مواطن لبناني تربّى في مخيم عين الحلوة الفلسطيني بعد مقتل عائلته في الاشتباكات اللبنانية الداخلية في الحرب الأهلية , وهو مكروه من طوائف لبنانية معينة كـ"الشيعة , المسيحيين , الدروز" ويصفه أعداؤه بالفلسطيني !

**تزوّج فضل شاكر من فلسطينية بعد قصة حب بينهما , هو من عائلة سُنية المذهب ايضاً .

** عاش فضل شاكر حياة رفاهية عالية وكان من أشهر الفنانين على الإطلاق على مستوى العالم العربي .

** تعرّف شاكر عل الشيخ أحمد الأسير "بزغ نجمه كقائد إسلامي سني متطرف" واقتنع به وأصبح يناديه بشيخي ومعلمي ..

من كل ما سبق وغيره .. يبدو أن طفولة فضل شاكر الصعبة وفقد عائلته أثّرت على سلوكه , أو طبقاً لنظرية صديقي فإن تحوّل فضل شاكر من الوسط الذي كان يعيش فيه إلى التديّن سيكون متطرفاً .. وبحجم تطرفه "الانفتاحي" تطرّف كما نشاهده اليوم ..

كما أن الشيخ "فضل" اعتاد تسليط الأضواء عليه وعلى أن يكون حديث الساعة والدقيقة .. فربما بما يقوم به يريد تسليط الأضواء عليه لكن من جانب مختلف تماماً عن السابق .. فظهوره بفيديو يعلن مسؤوليته عن قتل جنديين من الجيش اللبناني (متعدد الطوائف والاعتقادات) ووصفه لحسن نصر الله بـ"حسن نصر الشيطان" والتناغم مع الاقتتال الطائفي المقيت .. ربما تكون إحدى تحليلات طبيب نفسي لحالة الشيخ "فضل" .

لست ضد تدينه , ولا تطرفه في التديّن فهو ربما يريد ان يقسو على نفسه بعد أن كان في عالم "اعتبره شاكر منحطاً" لكن أن تصل به درجات التطرف ليُعادي ويُفتي ويقتل ويُهدد .. فباعتقادي هناك خطأ ما .. بل هناك مصيبة ما ..

تحليلات ووجهات نظر كثيرة , توافق ما أكتب أو تخالفه .. فلكل شيخ طريقته .. ولكل حدث تفسيره .. ما يهم ..

الرئيس أبو مازن منح الجواز الفلسطيني للفنان فضل شاكر يوم أن كان مغنياً .. وكما أصدر الرئيس أوامره بتحييد الفلسطينيين والمخيمات عن القتال , والشيخ "فضل شاكر" يمتلك الجواز الفلسطيني ومُنح الجنسية الفلسطينية .. فإني أطالب الرئيس أبو مازن لسحب الجنسية الفلسطينية من الفنان شاكر واعتبار جواز السفر الذي يمتلكه بحكم اللاغي ..

بالمناسبة .. أنا ضد ما يقوم به الجيش الحر في سوريا , كذلك ضد تدخل حزب الله هناك , وأعارض بشدة تهديدات الغرب لنظام الأسد .. وأشجّع بشدة أن ينأى الفلسطينيين عن أي اقتتال داخلي إقليمي , وأنتقد عدم توازن الجيش اللبناني للتعامل مع الأطراف .. ولا أنسى , أنا مع مطالب الشعب السوري المُحقّة وضرورة تنحي الأسد لكن ليس بأسلوب الجيش الحر و جبهة النصرة أو بطريقة حزب الله و جيش الأسد ..

ملاحظة : فرحت غزة بنجاح الفنان محمد عسّاف .. وتطبيقاً لمقولة معظم الغزازوة "الله يستر شو جاي بعد هالضحك" وصل عدد القتلى إلى 4 اشخاص ما بين انتحار وحرق وحادث سير .. يا غزّة مكتوب عليك الشقاء .. وللشقاء حكاية .