السودان : مظهر الفنانين بين الامس واليوم... (بركات) القديم.و(لعنات) الموضة!

قديما كان صوت الفنان ولونه الغنائي الذي يعتمده في بداية مشواره هو المقياس الوحيد الذي يحدد هل سيكون نجم هذا الفنان ساطعا في سماء الفن ام انه سيخبو قبل ان يرى الناس شيئا من بريقه ,لذلك كان جُل ما يشغل بال الفنان في ذلك الوقت هو اختيار الكلمات والالحان المناسبة لانه كان يرى نفسه صاحب رسالة يؤمن بها ويعمل على تنفيذها ,لذلك لم  يكن يبدي اهمية قصوى بشكله او بمظهره ولا يقضي ساعات طوال يحاول فيها التفكير عن شكل او (تقليعة )جديدة يطل بها على الجمهور (الاصيل)  الذي يتذوق الكلمات المعبرة والالحان العميقة والفكرة التي تحملها كل اغنية  جديدة تصدر ,الكل كان يرتدي ماهو مناسب ولا يتعدى حدود الجميل والمتناسق والذوق العام ومايتواءم مع  الاجواء السائدة واذا حدث ظهور  اختلاف غريب بعض الاحيان  فانه يكون من باب نقل ثقافة وتقاليد منطقة محددة تحت ظل تنوع وتعدد الثقافات في بلدي .اما الان تغير الحال وعكست الآية واصبح الفنان يهتم اولا بمظهره وشكله ثم بعد ذلك يأتي اهتمامه بالاغنية ايا كانت الكلمات ومهما كانت الالحان ,واصبح  الانجراف في المظهر  نحو حضارات الغرب اسرع من الوصول الى ثقافتنا وعاداتنا ,فما هي الاسباب وراء الركوض خلف لعنة (التقليعات) الغربية ونحن نمتلك حضارة تضرب جذورها اعماق الارض وثقافة تناطح عبق التاريخ . حول هذا الامر تحديدا كان لنا هذا الاستطلاع :
نقص فهم:
الفنان صلاح بن البادية يقول ان الفنان  هو فنان في كل شئ هنداما وذكاءً واداءً وهو فنان في لبسه ومظهره ,الا ان كل من يفكر في المظهر فقط ويجعله في المرتبة الاولي هو شخص (خاوى), واوضح ايضا ان الاهتمام بالهندام والمظهر لابد ان يكون في حدود الذوق والمعقول ولا يتخطاها ليصبح نوعا من انواع التفاخر ,وعن مايحدث الان من تقليد للغرب قال ان من لايمتلك ما يعتز به  في بلده فليبحث عن شئ آخر ,وان من ينظر الى اشياء بلده على انها غير جميلة هناك بلدان تراها عظيمة ,وان الجري وراء تقليد اللبس الغربي دلالة على نقص في  الفهم.
الثوب السوداني:
ولنواعم الغناء السوداني ايضا كان نصيب من الاجتياح الغربي الذي يحدث الان ,منذ القدم والمرأة السودانية هي الوحيدة التي تمتلك زياً ميزها عن مختلف نساء الارض فالثوب السوداني هو عنوان المرأة السودانية وهو سيد الموقف في كل المجالات الفنية وقد تمسكت به كل فنانات الزمن الجميل لانه يعبر عن ثقافة ووعي وأناقة المرأة السودانية ويكفي ان كبار الفنانين تغنوا له امثال زكي عبدالكريم وموسي أبا ومحمد وردي في رائعته (يابلدي ياحبوب جلابية وتوب),  الان اختفي الثوب السوداني وحلت محله ايضا ثقافات اخرى وحول هذا تقول عدد من المطربات أن الفنانين السودانيين قديما كانوا ملوك الاناقة رجالا ونساءً ومثال لذلك الفنان ابراهيم عوض كان عنوانا للاناقة ,واضافوا ايضا ان لكل زمن معطياته ولكل عصر طريقة معينة في اللبس وان مايحدث الان من دخول ازياء اخرى هو اعتماد على اشياء مزيفة وتطبيق لافكار شعب ليس لدينا به علاقة وهو جذب للانتباه بطريقة جديدة تعامل باستغراب اغلب الاحيان.
اقتناع اجيال:
اما آراء الجيل الجديد من الفنانين الشباب فكانت بحسب الفنانة افراح عصام ان لكل فترة زمنية زيا معينا ولكل جيل ذوقه الخاص به وان كل جيل جديد يأتي تكون لديه (موضة)  خاصة به وفهم متعلق  به ,وانه قديما كانت هناك أولوية للثوب السوداني لدي الفنانات اما الان اختلف الامر ولم يعد كما كان  وليس هناك (عيب) في ان يقوم الشخص بالتغيير ,وان مايحدث الان ليس تقليدا لحضارات غربية وانما هو حرية شخصية.
استلاب ثقافي:
اما الفنان محمد حسن اوضح ان الفنانين شريحة من الشرائح الموجودة في المجتمع وان لكل عصر امكاناته ومتطلباته ومع التطور التكنولوجي الذي حدث اصبح التواصل مع العالم ابسط واسرع واصبح التأثر بالثقافات الاخرى متاحا اكثر عند الجيل الحاضر عكس ماكان يحدث في الماضي حيث لم تكن تتوفر فرص التواصل مع العالم الخارجي ,واضاف انه يرى ان المظهر مهم لانه يعطي الانطباع الاول  والوسطية  في اختيار المظهر مهمة جدا ,وأشار الى ان مايحدث الان هو استلاب وغزو ثقافي ليس على مستوى اللبس فقط  وهناك جهات مشاركة في ضعف الثقافة السودانية  ,واكد ان ما لدينا  ثقافة كبيرة وذات جذور عميقة تحتاج ان نجتهد للتشبع بها  اولا قبل ان ننقلها الى غيرنا ولابد ان توجد الحلول  لهذه المشكلة حتى نصبح مؤثرين على العالم من حولنا.